oudnna Options

واعترض ذلك كله، أما أولا فلأن قراءة أهل الحرمين لا تدل على الرجحان لأنه لو سلم كون أوائلهم أعلم بالقرآن لا نسلم ذلك في عهد القراء المشهورين ألا ترى أن صحيح البخاري مقدم على موطأ مالك وهو عالم المدينة على أن القراءات المشهورة كلها متواترة وبعد التواتر المفيد للقطع لا يلتفت إلى أصول الرواة، وقول الشهاب: لا يخفى أن أهل الحرمين قديما وحديثا أعلم بالقرآن والأحكام فمن وراء المنع أيضا ودون إثباته التعب الكثير كما لا يخفى على من لم ترعه القعاقع، وأما ثانيا فلأن الاستدلال بقوله تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ يخدشه قوله: يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً [الانفطار: ١٩] فإنه سبحانه أراد باليوم يوم القيامة وهو يوم الدين ونفي المالكية عن غيره يقتضي إثباتها له إذ السياق لبيان عظمته تعالى والأمر آخر الآية واحد الأمور لا الأوامر وإن كثر استعماله فيه.

روي «أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام يا موسى سلني حتى ملح قدرك وشراك نعلك»

اي اجهر بها وأخف البسملة وهو مذهب الثوري وابن المبارك وابن مسعود وابن الزبير وعمار بن ياسر والحسن بن أبي الحسين والشعبي والنخعي وقتادة وعمر بن عبد العزيز والأعمش والزهري ومجاهد وأحمد وغيرهم خلق كثير وأحاديث الجهر لم يصح منها سوى

فالرحمن مشير إلى الذات وسائر الصفات فالألف الظاهرة واللام والراء إشارة إلى العلم والإرادة والقدرة والحاء والميم والنون إشارة إلى الكلام والسمع والبصر، وشرط هذه الصفات الحياة ولا يتحقق المشروط بدون الشرط فظهرت الصفات السبع بأسرها وخفيت الذات كما ترى وادعى بعض العارفين أن الألف الخفية هنا ظهرت من حيث الجزئية من هذا اللفظ في الشيطان بناء على أخذه من شطن وزيادة الألف فيه للإشارة إلى عموم الرحمة الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فللشيطان أيضا حصة منها ومنها وجوده وبقي سر لا يمكن كشفه ولا كذلك الرحيم إذ ليس فيه إلا ألف العلم ولما كان هذا الاسم مشيرا إلى سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم باعتبار رتبته ظهرت فيه لكونه المرسل إلى الناس كافة فطلب التأييد فأعطيها فظهر بها، وأما ثالثا فقد طال النزاع في تحقيق لفظ الرحمن كما طال في تحقيق لفظ الله حتى توهم أنه ليس بعربي لنفور العرب منه فإنهم لما قيل لهم اعبدوا الله لم يقولوا وما الله ولما قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ولعل سبب ذلك توهمهم التعدد وأنهم خافوا أن يكون المعبود الذي يدلهم عليهم من جنسهم فأنكروه لذلك لا لأنه ليس بعربي، واختلف أيضا في الصرف وعدمه قال ابن الحاجب: النون والألف إذا كانا (٢)

نادر واستظهر الإمام السيوطي أن المراد نفي إطلاقه على غيره تعالى شرعا والشعر جاهلي وفي كلام الجوهري ما يؤيده، وقال الشهاب: لو كان بمعنى غير المالك جاز مع القرينة إطلاقه على غيره تعالى، وجوز بعضهم إطلاقه منكرا كما في قول النابغة:

(١) وهذا القول ينسب إلى سيبويه لكن القول بأن لاه مصدر لم ينسب إليه لكن ذكره بعض الثقات فافهم اهـ منه.

يقدر بهما على أن الابتداء هنا ليس أعم من القراءة لأن المراد به ابتداء القراءة وهو أخص من القراءة لصدقها على قراءة الأول والوسط والآخر، واختصاص ابتداء القراءة بالأول فليس هذا هو الكون والاستقرار الذي قدرهما النحاة فيما تقدم، ودعوى عموم أبتدىء باعتبار أنه منزل منزلة اللازم لكنه يعلم بقرينة المقام أن المبتدأ به هو القراءة وباعتبار أصل العامل في الجميع لا يخفي فسادها فإنه إذا دل المقام على إرادته فما معنى تنزيله منزلة اللازم حينئذ وكونه باعتبار اللفظ والأصل لا يدفع السؤال في الحال فافهم «وأما ما ذكر ثانيا» من أن فعل البداءة مستقل بالغرض فغير مسلم وقد قدمنا أن القراءة أمس وأشمل والوقوع في الابتداء بالبداية فعلا لا بإضمار الابتداء فمتى ابتدأ بالبسملة حصل له المقصود غير مفتقر إلى شيء كمن صلى فبدأ بتكبيرة الإحرام لا يحتاج في كونه بادئا إلى الإضمار لكنه مفتقر إلى بركتها وشمولها لجميع ما فعله، ومن هذا يظهر ما في باقي الكلام من الوهن «وأما ما ذكر ثالثا» ففيه أن كون التسمية مبتدأ بها حاصل بالفعل لا بإضمار الفعل ولم يرد الحديث بأن كل أمر ذي بال لم يقل أو لم يضمر فيه أبدأ ببسم الله فهو كذا على أن المحافظة على موافقة لفظ الحديث إنما يليق أن يجعل نكتة في كلام المصنفين ومن ينخرط في سلكهم لا في كلام الله جل شأنه كما لا يخفى على من له طبع سليم، وأيضا البحث إنما هو في ترجيح تقدير الفعل العام كأبدأ أو أشرع وما شاكلهما لا في ترجيح خصوص اقرأ أعني فعلا مصدره القراءة على خصوص أبدأ أعني فعلا مصدره البداءة ففيما ذكر خروج عن قانون الأدب وموضع النزاع.

ذلك بمعنى أنا العابد ولما قال إياك نعبد كان المعنى أني واحد من عبيدك وفرق بين الأمرين كما يرشدك إليه قوله تعالى حكاية عن الذبيح عليه السلام: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات: ١٠٢] وقوله تعالى: حكاية عن موسى سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً [الكهف: ٦٩] فصبر الذبيح لتواضعه بعدّ نفسه واحدا من جمع ولم يصبر الكليم لإفراده نفسه مع أن كلّا منهما عليهما السلام قال: إن شاء الله وقيل الضمير في الفعلين للقارىء ومن معه من الحفظة وحاضري الجماعة وقيل هو من باب «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ» على ما ذكره الغزالي قدس سره وقد تقدم، الثالث في سر تقديم فعل العبادة على فعل الاستعانة وله وجوه: الأول أن العبادة أمانة كما قال تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ [الأحزاب: ٧٣] فاهتم للأداء فقدم، الثاني: أنه لما نسب المتكلم العبادة إلى نفسه أوهم ذلك تبجحا واعتدادا منه بما صدر عنه فعقبه بقوله: وإياك نستعين ليدل على أن العبادة مما لا تتم إلا بمعونة وتوفيق وإذن منه سبحانه، الثالث: أن العبادة مما يتقرب بها العبد إلى الله تعالى والاستعانة ليست كذلك فالأول أهم، الرابع: أنها وسيلة فتقدم على طلب الحاجة لأنه ادعى للإجابة.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا [الأعراف: ٤٣] ورابعها أن المراد دلنا على الحق في مستقبل عمرنا كما دللتنا عليه في ماضيه ولهم بعد أيضا كلمات متقاربة غير هذا ولعله يغنيك عن الكل ما ذكره الفقير فتدبره ولا تغفل.

وأخرجه ابن جرير عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم،

محمول على الكمال وليس البحث لهذا وإذا لوحظ الساقط وهو الظلماني المحض المشير إلى الظالم المحض الساقط عن درجة الاعتبار والمذكور وهو النوراني المحض المشير إلى المؤمن المحض والنوراني المشوب المشير إلى المؤمن المشوب يظهر سر التثليث في فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر: ٣٢] وإنما كان الساقط هذه السبعة بخصوصها من تلك الأربعة عشر ولم يعكس فيسقط المثبت ويثبت الساقط أو يسقط سبعة تؤخذ من هذا وهذا لسر علمه من علمه وجهله من جهله، نعم في كون الساقط معجما فقط إشارة إلى أن الغين في العين، والرين في البين، فلهذا وقع الحجاب، وحصل الارتياب، وهذا ما يلوح لأمثالنا من أسرار كتاب الله تعالى وأين هو مما يظهر للعارفين الغارفين من بحاره، المتضلعين من ماء زمزم أسراره (١).

والمدح ليس كذلك «احثوا في وجوه المداحين التراب» ويشعر كلام الزمخشري في الكشاف والفائق بترادفهما ففي الأول أنهما أخوان وجعل فيه نقيض المدح أعني الذم نقيضا للحمد وفي الثاني الحمد المدح والوصف بالجميل فالمدح عنده مخصوص بالاختياري وتأول المدح بالجمال وصباحة الوجه واحتمال أن يراد من الأخوين ما يكون بينهما اشتقاق كبير بأن يشتركا في الحروف الأصول من غير ترتيب كجبذ وجذب وأن الأدباء يجوزون التعريف بالأعم والنقيض هناك بالمعنى اللغوي ويجوز أن يكون شيء واحد نقيضا لشيئين بينهما عموم وخصوص بهذا المعنى لا ينفي ما قلناه بل إذا أنصفت تكاد تجزم بأن الزمخشري قائل بالترادف ولا تستفزك هذه الاحتمالات لأنها كسراب بقيعة نعم هذا القول بعيد منه وهو شيخ العربية وفتاها فالحق الذي لا ينبغي العدول عنه here أن المدح يكون على غير الاختياري وكأنه لذلك لم يقل عز شأنه المدح لله كما قالوا إظهارا لأن الله تعالى فاعل مختار وفي ذلك من الترغيب والترهيب المناسبين لمقام البعثة والتبليغ ما لا يخفى «وأما الشكر» فهو أيضا مغاير للحمد إلا أن بعضهم خصه بالعمل والحمد بالقول، وبعض جعله على النعم الظاهرة، والآخر على النعم الباطنة وادعى آخرون اختصاصه بفعل اللسان كالحمد في المشهور إلا أنه على النعمة وإليه يشير كلام الراغب (١)، والمعروف أنه ما كان في مقابلتها قولا باللسان وعملا وخدمة بالأركان واعتقادا ومحبة بالجنان، وقول الطيبي إن هذا عرف أهل الأصول فإنهم يقولون شكر المنعم واجب ويريدون منه وجوب العبادة وهي لا تتم إلا بهذه الثلاثة وإلا فالشكر اللغوي ليس إلا باللسان غير طيب فإن ظاهر الكتاب والسنة إطلاق الشكر على غير اللسان قال تعالى: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً [سبأ: ١٣]

وروى أيضا بإسناده عن أم سلمة «أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين»

واعترض بأنه لم تسمع زيادتها بعد واو العطف والكلام فيه، وحكى بعضهم عن الأخفش أن الاستثناء في معنى النفي فيجوز العطف عليه «بلا» حملا على المعنى فحينئذ لا يرد ما ورد، وعند الخليل النصب بفعل محذوف أعني أعني وبه أقول لأن الاستثناء كما ترى والحالية تقتضي التنكير ولا يتحقق إلا بعدم تحقق التضاد أو يجعل غير بمعنى مغاير لتكون إضافته لفظية وكلاهما غير مرضيّ لما علمت وقال بعضهم في الآية حذف والتقدير غير صراط المغضوب عليهم وهو ممكن على هذه القراءة فيكون غير حينئذ إما صفة لقوله الصراط وهو ضعيف لتقدم البدل على الوصف إذا قلنا به والأصل العكس أو بدل أو صفة للبدل أو بدل منه أو حال من أحد الصراطين والصراط السوي عدم التقدير.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *